قالت دار الإفتاء، عن حكم تهنئة غير المسلمين، إن الله تعالى قال فى كتابه العزيز "لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" [الممتحنة: 8]، وقال تعالى: "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا" [البقرة: 83]، وقال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ" [النحل: 90]، فالمسلم محثوث على البر والإقساط مع غير المسلمين ممن لم يقاتلوه في دينه، وكذلك المسلم مطالب بالإحسان لجميع الخلق، وهو كذلك مطالب بأن يقول للناس الحسن من القول، وعليه فالوصل والإهداء والعيادة والتهنئة لغير المسلم من باب الإحسان.
وأضافت الإفتاء، فى فتوى لها، أنه يجوز تهنئة غير المسلمين في عيدهم، ولكن تكون هذه التهنئة بألفاظ لا تتعارض مع العقيدة الإسلامية، فقد كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يقبل الهدايا من غير المسلمين؛ فقد ثبت في صحيح السنة ما يفيد بأن النبي (صلى الله عليه وسلم) قبل هدية غير المسلمين، ومن ذلك قبوله لهدية المقوقس عظيم القبط (المصريين)، وورد عن علي بن أبي طالب "رضى الله عنه" قال: "أهدى كسرى لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقبل منه وأهدى له قيصر فقبل، وأهدت له الملوك فقبل منها"، أخرجه أحمد في مسنده والترمذي في سننه.
وأوضحت أن "علماء الإسلام فهموا من هذه الأحاديث أن قبول هدية غير المسلم ليست فقط مستحبة؛ لأنها من باب الإحسان، وإنما لأنها سنة النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول السرخسي بعد ذكر إهداء النبي (صلى الله عليه وسلم) المشركين شيئا كما في "شرح السير الكبير" (96/1): "والإهداء إلى الغير من مكارم الأخلاق"؛ وقال (صلى الله عليه وسلم): "بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ"، فعرفنا أن ذلك حسن في حق المسلمين والمشركين جميعا".
وأشارت إلى أنه جاء في الفتاوى الهندية (5/347): "ولا بأس بضيافة الذمي، وإن لم يكن بينهما إلا معرفة، كذا في الملتقط"، ثم قال: "ولا بأس بالذهاب إلى ضيافة أهل الذمة، هكذا ذكر محمد رحمه الله"، ثم قال: "ولا بأس بأن يصل الرجلُ المسلمَ والمشركَ قريبًا: كان أو بعيدًا، محاربًا كان أو ذميًّا".
وتابعت الإفتاء أنه نقل عن المرداوي الحنبلي الأقوال في حكم عيادة غير المسلمين، وصوب القول بالعيادة، فقال في "الإنصاف" (4/ 234): "وفي تهنئتهم وتعزيتهم وعيادتهم روايتان" وأطلقهما في الهداية، وأن قول العلماء: يعاد، ويعرض عليه الإسلام، قلت: هذا هو الصواب".
وبينت الإفتاء أنه مما ذكر من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة وآراء الفقهاء نرى أنه من الإحسان أن يصل المسلم غير المسلم على كل حال: من عيادة وتعزية وتهنئة وإهداء وضيافة وقبول هدية، وما إلى ذلك، وأن هذا الشأن أحد أشكال الدعوة إلى دين الله بحسن الأخلاق ومكارم الخصال.
Blogger Comment
Facebook Comment